الأربعاء، 4 أغسطس 2010

منى ..أوراق قديمة


منى, كانت أول من أحتضن غربتى برفق وفضول محب لرائحة البحر و التى كنت أحتفظ بها فى ثنايا ملامحى.
تقتنص السؤال قبل أن أنطقه
وتأتينى اجابتها محملة بضحكة مطمئنة ,لم أستطيع فك طلاسم اللهجة الجديدةعلى أذنى فتترجم لى مايصعب على فهمه وهى تضحك من سذاجتى فى محاولة اعادة نطق الكلمات كما تنطقها
,عندما تغيبت عن الدراسة آتتنى بكشاكيلها المزركشة بالألوان والأحلام ,تعارفنا كان بسيطاً جدا واقترابنا لابد منه , أنا الشمالية الخائفة من الجنوب وهى الجنوبية المشتاقة الى الشمال ,غذينا أحلامنا بذكرياتنا البعيدة
كنت احكى لها عن طقوس العيد فى شمالنا العزيز ومذاق الكعك ولون البهجة الذى يكسى صباحات متتالية ,وكانت تمهد لى الطريق لأن عيد الجنوب ساعات من البهجة العاجلة قبل أن تشتد الحرارة فيركن كل الى سابق عهده وينتهى العيد بعد ساعات قليلة من بدايته
منى, كانت ثائرة بطبيعتها تلمح فى عينيها شرر الرفض الدائم والهجوم أحيانا الغير مبرر على جذورها , حلمها بعيد ولم تكن من الذين يؤثرون الارض والوطن ,, تحمل جينات الغربة وتجد لذة فى المجازفة فى أرض جديدة مع أناس لا تعرفهم لكنها سرعان ماستعرفهم وتلتحم بهم حتى حين ,بينما أنا المترددة الخائفة ,أبنى أحلامى بصحبتها ,بعد ثلاث سنوات
اقترنت شهادتى بغربة جديدة فى الشرق بينما استمرت منى فى جذورها الجنوبية تناكشها بالرفض وتحاول اقتلاع احلامها والهرب
الى البعيد

كانت منى تحبنى ؟؟؟
لا استطيع أن أجزم الأن لكنى أفترض أننا كنا ضدين متحابين , هى التى كانت تصر على دراسة الأعلام حتى تخلق أجنحة تأخذها بعيدا وانا التى أقنعتها بدراسة الطب حتى اذا ما أنتهينا منه كان من السهل حينها ممارسة نشاطنا الصحفى ,وقتها كان للحلم مذاقه ,لم تنسى منى أنى كنت من أسباب شقاء سنوات الطب الطويلة وفقدان الأحلام لحلاوتها بكثرة المعاناه واختفاء الأختيارات البديلة وبقاء طريق واحد طويل لا يأخذنا حيث الفرح .. تلومنى بضحك وتستمر فى تقريعى وتنعتى باننى من تسببت فى هذه الماساة ,
بعد أعوام كثيرة ومراسلات استمرت لسنوات خمس بعد الرحيل توقف الحكى بيننا ,اقتربت لصديقة ثالثة كانت فى الظل
لكنها بعد غيالى وجدت فيها الرفقة فانحسر موج صداقتنا رويدا حتى أصبحنا بحر ميت ,تراه لكنك لا تشعر به لا موج يتهادى هناك ,الأن حينما أعبث فى الذاكرة لا أدرى متى انقطعت أخبارنا تماما ,سمعت أنها الأن طبيبة أطفال فى المدينة الجنوبية وتزوجت من شاب وسيم يعمل بالمحاماة له اجنحة أخذتها لمدينة تبعد كثيرا عن قريتنا الجبلية,لكنها لا زالت سجينة الجنوب .